الإلكترون لا يدور

الخميس، 14 نوفمبر 2013





حول تصحيح الفهم الخاطئ  للذرة لدى طلاب العلوم بناء على ميكانيكا الكم غير النسبية
1-  العلوم الطبيعية كلها ليست هي الطبيعة بل نموذجاً عن هذه الطبيعة، والفيزياء هي نموذجاً رياضياً للطبيعة لن يرقى إلى مستوى الطبيعة ابداً مهما تقدم وتطور، ولكن له دور محوري في فهمنا لهذه الطبيعة وتسخيرها من أجل مصلحة الأنسان.
2-  ألنموذج الذري لتركيب الماده هو أهم النماذج العلمية عن الطبيعة، وهو نظرية رياضية ناجحة جداً في تفسير الطبيعة وظواهرها الفيزيائية في العالم الصغير وبالتالي قد يسأل أحد هل الذرات موجودة فعلا في الطبيعة والإجابة هنا ليست مطلقة بنعم لأن الذره هي مفهوم نظري رياضي عن تركيب المادة وليست الماده نفسها، وهذا النموذج يخضع للمراجعة والتطوير الدائمين بشكل يعكس التقدم العلمي للبشرية، وعليه فإن الاجابة على السؤال هي:
بحسب قدرتنا العلمية والمعرفية الحالية كبشر نعتقد بأن المادة تتكون من ذرات.
3-  يُعتقد خطأً بأن الذرة هي جسم كروي أو شبه كروي يحتوي على نواة مركزية (كروية)  صغيرة الحجم وكبيرة الكتلة، "تدور" حولها إلكترونات، في حين أن الذرة هي أسم يصف جسيم أو موجة ميكانيكية كمية (quantum mechanical) لها صفات ميكانيكية كمية تختلف جذرياً عن صفات الجسيمات أو الأجسام الميكانيكية التقليدية، فالجسيمات الميكانيكية الكمية كالكواركات (quarks) والإلكترونات والنيوترينوات (neutrinos) مثلاً تعيش في العالم الصغير إذ أن لها متوسط (وكلمة متوسط هنا في غاية الأهمية) سعة فراغية (size) أصغر من 10-18m
4-  العالم الكبير هو كل شيء له سعة فراغية أكبر من البلورة الكيميائية (مجموعة من الجزيئات)، أي أنه كل شيء إبتدأ من الخلية الحيوانية أو النباتية ومروراً بالإنسان ككل ثم الكرة الأرضية ثم المجموعة الشمسية ثم المجرة ثم التجمعات المجرية وصولاً إلى الكون الواسع والذي نعرف أن نصف قطر الجزء المرئي منه هو   ، في حين أن العالم الصغير يبدأ بالبلورة الكيميائية فما هو اصغر منها، أي ابتداءً من البلورة مروراً بالجزيء فالذرة فالنواة فالبروتون والنيترون فالكوارك والألكترون وهكذا (يتضح لنا هنا أن السعة الفراغية التي يستطيع البشر مشاهدتها عملياً تمتد من  في العالم الصغير إلى  في العالم الكبير).

5-  العالم الكبير تحكمه الفيزياء التقليدية وعلى وجه التحديد الفيزياء النيوتونية (أشهرها قانون نيوتن الثاني) وهي فيزياء محددة (deterministic) أي أن الأحداث فيها لها إمكانيتين فقط وهي أن لا تحدث (الإمكانية صفر) أو تحدث (الإمكانية 1) أي أن الاحتمالات P هنا هي:

والأجسام في العالم الكبير لها صفات فيزيائية محددة، فلها مثلاً أشكال محددة بأبعاد محددة ولذلك يكون القياس في العالم الكبير له نتائج محددة والتنبؤات النظرية للأحداث هي تنبؤات مطلقة (ما عدا استثناءات قليلة مثل الفيزياء غير الخطية (non-linear physics) وميكانيكا الموائع (fluid dynamics) التي تصف ظواهر الطقس مثلاً)، أي أن الحسابات النظرية للفيزياء الكلاسيكية تسمح لنا بالتنبؤ بالأحداث بشكل محدد بدون أي درجة من درجات اللايقين النظري، وأخطاء القياس الناتج عن اللادقة في القياس (لأسباب إحصائية (statistical) أو لأسباب نظامية (systematical) تتعلق بمنظومة القياس المادية) لا تغير من الطبيعة المحددية للعالم الكبير بل تعكس القصور التكنولوجي لأدوات القياس وهذه الادوات تتطور باستمرار وتصبح أخطاء القياس أصغر يوماً بعد يوم ولكنها لا يمكن أن تصبح صفراً فلا يوجد جهازاً قادراً على القياس المطلق (لا يمكن أن يكون الخطأ صفري لأن البشر لا يمكنهم إنتاج أجهزة دقيقة بشكل مطلق ومستقلة عن التأثيرات المحيطة بها بحيث تصبح الأخطاء النظامية صفراً هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يكون الخطأ الأحصائي صفراً إلا عندما تكون العينة المقاسة مالانهاية وهذا غير ممكن عملياً).
6-  العالم الصغير تحكمه الفيزياء الكمية (فيزياء شرودنجر في الحالة غير النسبية)، وذلك لأن الصفة السائدة للعالم الصغير هي العشوائية واللاإنتظام وبالتالي اللايقين في البنية النظرية نفسها وليس بسبب أخطاء القياس التي تحدثنا عنها في (2) أعلاه، فعشوائية الحركة في العالم الصغير تعني أننا لا نستطيع مهما وصلت قدراتنا التكنولوجية على التنبؤ بالأحداث مثلما نستطيع في فيزياء العالم الكبير، فعلى عكس الحالة في العالم الكبير نجد أن ميكانيكا الكم هي فيزياء غير مُحَدِدَة ولا يوجد فيها الإمكانيتين (صفر) و(1)، بل توجد كل الاحتمالات لحدوث حدث ما ماعدا احتمال حدوثه أو عدم حدوثه أي أن:


7-   يخطئ الناس في الاعتقاد بأن الذرة جسيم يشابه الأجسام في العالم الكبير (كرة، بيضة، ...الخ) فالذرة حقيقة لا شكل منتظم لها وكذلك بقية الجسيمات في العالم الصغير ولكن لأن التوزيع الاحتمالي "متموضع - localized" فإنه يتركز في حيز معين (كما سنرى في الشكل في نهاية هذا المنشور) فيمكن على سبيل التقريب بالقول بأن للذرة أو للنواة متوسط نصف قطر أو لها شكل تقريبي، أي أنه ليس لدينا في ميكانيكا الكم قيم لخصائص الأجسام (نصف قطر، حجم، طول، عرض، كمية حركة،...الخ) ولكن لدينا قيم متوقعة وليس قيم مطلقة والقيمة المتوقعة (expectation value) هي المكافئ الميكانيكي الكمي للقيمة المتوسطة (average) في علم الإحصاء، أي أن لدينا متوسطات في فيزياء الكم وليس لدينا قيم مطلقة.




















لتقريب حركة الإلكترون في الذرة للأذهان يمكن لنا على سبيل المجاز تشبيه الإلكترون بالـ"قُمّلي – الحشرة التي تعيش على فراء الخرفان" فنحن نعرف جميعاً أن أحداً لا يستطيع معرفة إلى أين سيقفز القُمّلي إذا ما وجدناه بالصدفة مع العلم أن حركة القُمّلي شبه عشوائية وليست عشوائية تماماً مثل حركة الإلكترون، كما أن الألكترون لا يقفز بل يختفي ويظهر في نفس اللحظة في مكان آخر لا يمكن تحديدة سلفاً.
يقع الكثير من المتعلمين في خطأ قاتل عندما يعتقدوا أن حركة الإلكترونات داخل الذرة تشبه حركة كواكب المجموعة الشمسية حول الشمس، فهذه الأخيرة هي حركة منتظمة ومُقدرة سلفاً، فالبشرية اليوم تعرف كل الأحداث التي ستحدث للشمس والقمر في علاقتهما بالأرض مثل أحداث الكسوف والخسوف فهذه محسوبة بدقة لمئات بل آلاف السنوات القادمة، في حين لا تستطيع البشرية بكل ما أوتيت من علم أن تعرف أين سيذهب الإلكترون إذا ما وجد بالصدفة في مكان ما.
إذاً: ألإلكترون لا يدور حول النواة بل يتحرك بصفة عشوائية في إطار توزيع احتمالي تحدده الدالة ، وإن سوء الفهم حول هذا الموضوع هو ترجمتنا للكلمة الأنجليزية "Orbit" بأنها "مدار" وبالتالي اعتقادنا أن الإلكترون يدور، والحقيقة أن كلمة "Orbit" استخدمت فيزيائياً ليس بمفردها بل مع كلمةEnergy  وبالتالي فالصيغة هي"Energy Orbit" وليس"Orbit" فقط، أي مدار طاقي وهذا معناه قيمة طاقية محددة، لأن الطاقة في ميكانيكا الكم "مكممة  - quantized" بمعنى أن الإلكترون مثله مثل أي جسيم في العالم الصغير تكون طاقته قيمة محددة وهي مضاعفات لقيمة كمية نسميها "كم - quanta" أي أن الطاقة تساوي:





























يجب الملاحظة أن r لا تنتهي إلا عند مالانهاية.




















إضافة تفصيلية لطلبة الفيرياء:
11-    أهم فروق بين ميكانيكا الكم والميكانيكا الكلاسيكية بالإضافة إلى ما ذكر سابقاً هي:

أ‌-        أن الميكانيكا الكلاسيكية تقوم على مفهوم المسار  x(path) في حين أن المقابل الميكانيكي الكمي للمسار هو دالة الحالة (أو الموجة) بساي Y، ففي الكلاسيكية ومن خلال مبدأ اقل حدث (least action) ومعادلات لاجرانج (Lagrange) نحصل على قوانين الحركة واهمها قانون نيوتن الثاني:























ت-    أن الجسيم اليكانيكي الكلاسيكي مثل كرة البلياردو مثلاً له شكل ومقاسات محددة، في حين أن الجسم الميكانيكي الكمي مثل إلكترون الذرة يمتد من الصفر إلى ما لانهاية، وصحيح انه متموضع (أي يتموضع أغلب وجوده أو حضوره المادي -أذا صح التعبير- في منطقة محصورة بين قيمتين) إلا أن له وجود في كل مكان بين الصفر والمالانهاية ولو كان هذا الوجودا نادراً أو نادراً جداً أو نادراً جداً جداً وهكذا ولكن له وجود، بمعنى أن لا حدود مطلقة له مثلما لكرة البلياردو.            والله الموفق

الدكتور / مصطفى بهران




شارك الموضوع مع اصدقائك!



Digg Technorati del.icio.us Stumbleupon Reddit Facebook Twitter

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
نـادي بـاسـم الـحـيـدري لـلـكـيـمـيـاء - Club Basem Alhaidry For Chemistry | by TNB ©2010 وتم تعريب القالب بواسطة مدونة نصائح للمدونين .