استعراض الأدوار الجديدة لمؤسسات التعليم في ظل مجتمع المعرفة

السبت، 30 نوفمبر 2013



التعليم الجيد مفتاح التنمية الاقتصادية
ما الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات التعليمية في بلداننا النامية ؟؟ وهل مخرجات التعليم في مختلف مؤسساتنا التعليمية لاتتناسب ومتغيرات العصر ؟ وهل نحن بحاجة بالفعل إلى إعادة النظر في أساليب وسياسة التعليم ؟ ومن هو المتسبب ؟ هل هو الكادر التدريسي الذي يقبع في قوقعة شهادة الدكتوراه ، ولا يبحث عن جديد تخصصه ومجاله ؟.. إن العالم اليوم يشهد تحولاً في صناعة المعرفة.. وفي التقنيات المتجددة «يومياً» التي تقوم بنقل هذه المعرفة ، فلا يفيد أن يرضي العالم بما وصل إليه من منصب علمي بل عليه مواكبة كل جديد في عالم المعرفة ، ليستطيع أن يخرج جيلاً مواكباً للعصر ..

مجتمع المعرفة.. المفهوم
تعريف مفهوم مجتمع المعرفة ( KNOWLEDGE SOCQIETY ) ه هو التحول الاقتصادي من اقتصاد صناعي قائم على الصناعة  يركز على انتاج السلع وتسويقها إلى اقتصاد معرفي قائم على المعرفة ويركز على انتاجها وتطبيقها ـ بحسب تعريف العالم «دانيال بل» عام 1973م .وفي عام 1993م قدم «بيتر دروكر» مفهوماً جديداً لمجتمع المعرفة بصورة أوسع واصفاً فئة جديدة في المجتمع سماها عمال المعرفة «KNOWLEDGE WORKERS» . وعموماً فيعرف مجتمع المعرفة بأنه ذلك المجتمع الذي يقوم اساساً على نشر المعرفة وانتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعي ، الاقتصاد ـ المجتمع المدني ـ السياسة ـ والحياة الخاصة ، وصولاً لترقية الحالة الإنسانية باطراد ، أي إقامة التنمية الإنسانية .

خصائص مجتمع المعرفة
يتميز مجتمع المعرفة بالخصائص والميزات التالية:
تعقد المجتمع والمشكلات التي يواجهها الأفراد : بحسب تقسيم «ريتل» للمشكلات هناك نوعان من المشكلات الأول وديع والثاني غير وديع ، ويتحدث هنا عن النوع الثاني من تلك المشكلات ووصفها بأنها: 
ـ لايمكن تعريفها بسهولة بما يساعد المعنيين بحلها على تحديدها.
ـ يتطلب حلها اصدار أحكام معقدة حول درجة التجرير.
ـ لاتوجد لها حلول مطلقة «صح أوخطأ» وإنما حلول مقبولة وأخرى غير مقبولة .
ـ بالإضافة إلى أنها تتطلب التكرار فلا يوجد لها بدائل لحلول معطاة ، بل يجب اختراع الحل.


عدم اليقين : يتصف مجتمع المعرفة بعدم اليقين فيما يتصل بالمشكلات التي يواجهها عمال المعرفة ، فالحلول التي يتوصل إليها تتطلب اعداد متعلم من نوع خاص.
المعرفة التخصصية والبينية : وهي ذات مستوى عال ، ولاتكون كذلك إلا إذا كانت ذات طابع تطبيقي ، والفئة التي تحمل هذه المعرفة هم عمال المعرفة كالجراحين ، والمحامين ، والمحاسبين ، والمهندسين ، والمعلمين الذين يقومون بعملهم من خلال اكتساب المعرفة.
تكوين مؤسسات التعليم : لكي تنمو المعرفة ولكي تتحول إلى منتجات فإن عمال المعرفة سيحتاجون إلى الانتماء إلى مؤسسات تخصصية ، وهذه المؤسسات هي التي ستقوم بخدمة المجتمع ، وسيعتمد مجتمع المعرفة عليها بصورة رئيسة وهي مثل : المؤسسات التجارية ، الصناعية ، الصحية ، التعليمية وغيرها.
ظهور الحاجة إلى العمل في فريق ( TEAM WORK ): فنتيجة لطبيعة التحديات التي تواجه عمال المعرفة فإنهم بحاجة إلى العمل في فريق فالتكاتف يكون عندما يكون العمل جسيماً ، أو مدة الإنجاز قصيرة.
بروز الحاجة إلى مهارة الاستقصاء : فلايمكن انتاج المعرفة واستخدامها بدون توظيف الاستقصاء توظيفاً محكماً ، وتوفير المؤسسات لمنتسبيها الفرص المناسبة لدراسة المشكلات التي تواجهها بعقلية منفتحة ، كما يساعد الاستقصاء للمهنيين على الرقي بمهنتهم لأنه ببساطة يدفع المهنيين إلى التفكير في تحديد الصعوبات ، وبذلك يساهمون في تطوير المعرفة المهنية ونشرها.
تتغير المعرفة التخصصية بصورة مستمرة ، مما يتطلب من عمال المعرفة «المهنيين» أن يطوروا معارفهم باستمرار ، وبذلك سيشكل التعلم المستمر رديفاً اساسياً للتعليم النظامي

الاستخدام المكثف للتقنيات : فرضت التقنية نفسها بشكل بارز في كافة مناحي الحياة الشخصية والاجتماعية والعملية ، وأصبحت تطبيقاتها العملية ذات فائدة لم يكن الناس قادرين على تخيلها في الماضي ، كما أن للتقنية تأثراً مهنياً خاصاً على كافة المؤسسات والشركات ، وهي بحاجة للتأقلم مع المستجدات التقنية المتسارعة.
العولمة : بغض النظر عن تأثيراتها السياسية أو الاقتصادية إلا أن العولمة قربت تقنيات الاتصال ، وسهلت للإنسان متابعة ماحدث في العالم فور حدوثه ، وأصبحت الشبكة الدولية «النت» متاحاً بشكل كبير ، وأصبحت الشركات تعمل في بلدان غير موطنها الأصلي ، وأصبحت الحدود من الماضي ، والمعرفة أمست ذات صبغة عالمية وأصبح اكتسابها أمراً لامفر منه.


العوامل المساهمة في انتشار مجتمع المعرفة

التقدم في مجال التقنيات الحديثة : بغزوها لجميع مناحي الحياة ، وبفضل التقدم في تقنيات المعلومات أصبح العالم قرية صغيرة ، وتحول الاقتصاد العالمي من اقتصاد قائم على الجهد العضلي إلى اقتصاد قائم على الجهد الذهني والمعرفي ، مما أثر في طبيعة المنتجات والخدمات.
تفاعل التقدم في مجال التقنيات الحديثة والعولمة: ساعد ذلك على ربط العالم بعضه ببعض ، وتحركت رؤوس الأموال بين الدول ، وبدأ المهنيون يتنقلون من بلدانهم إلى أي بلد يمكن أن يوفر لهم فرص عمل أفضل.
الأحداث العالمية : بعد أحداث سبتمبر اتجهت السياسة الغربية لتغيير عقول شعوب بأكملها وتغيير ثقافاتها ، بل حتى المجتمعات الغربية اتجهت نحو تعلم الدين الإسلامي واللغة العربية ، وقد نستفيد من ذلك بتقوية مناهج اللغات الأجنبية في مناهجنا.

التغييرات الطارئة على الوظائف والمهن

أدى التطور في مجال التقنيات الحديثة والعولمة والأحداث العالمية إلى تحول في نوع المهارات المطلوبة من العاملين في المهن المختلفة ، وتتطلب المهن اليوم مهارات معرفية وتقنية عالية يفترق إليها خريجو الثانوية الذين يشغلون هذه الوظائف.


المهارات التي يستخدمها عمال المعرفة اليوم
 ـ اكتساب المعرفة والفهم العميق

ـ اكتساب مهارات تفكير عليا تشمل القدرة على معالجة مشكلات غير تقليدية يصعب تحديدها بسهولة مما يتطلب منهم استخدام طرق تفكير غير مألوفة.
ـ وتوظيف درجات عليا من تفكير الخبراء والتواصل المعقد عن انجاز المهام بما يشمل التواصل ، والتفاوض ، والجدل ، والوصول إلى حلول وسط ، والصلح.
واستخدام التقنيات الحديثة بصورة مكثفة ، كما يتضمن الايجابية في العمل وتشمل القيام بدور فعال في العمل يتعدى اتباع تعليمات محددة سلفاً والسيطرة الدقيقة على الموقف من خلال انجاز المهام ، وتوظيف الابداع ، والقدرة على العمل في فريق.
واكتساب مهارات التعامل مع التغيير وتشمل اكتساب مهارة التعلم مدى الحياة والاستعداد للتغيير نتيجة لقيامهم بمهامهم ، والعمل في بيئة عمل ديناميكية تتصف بالتغيير مما يتطلب منهم المرونة والاستعداد لتغيير المهنة.

الادوار الجديدة لمؤسسات التعليم
تدرك الدول التي تمتلك رؤية ثاقبة للتنمية الاقتصادية أكثر من غيرها أن التعلم الجيد هو مفتاح التنمية.
ـ إعادة النظر في رسالتها وأهدافها بحيث تصبح مراكز اشعاع معرفي في المجتمع المحيط بها
ـ تحويل مؤسسات التعليم إلى مؤسسات تعلم ، فبعد أن تقدم المعرفة التخصصية وبعد أن تصبح مركز اشعاع في مجتمعها ، وبعد تقديمها للبرامج الاكاديمية التخصصية ، تقوم بالانتقال من موقع احتكار التعليم والتدريب إلى الشراكة مع المؤسسات الأخرى.
ـ مراجعة البرامج الاكاديمية لتستجيب لمتطلبات مجتمع المعرفة ، بالتأكيد بصورة أكبر على الاستقصاء والبحث والتجريب بما يؤهل المتعلم.
ـ تطوير المناهج وطرق التدريس وأساليب التقويم ، وذلك بالتركيز على النواتج وليس المدخلات والعمليات لضمان إعداد متخريجين مؤهلين عالمياً ، باستطاعتهم المنافسة على المستوى العالمي.
ـ تطبيق تقنيات الاتصال والمعلومات في التعليم ، وبالتطبيق المكثف لتقنيات الاتصال والمعلومات في التعليم والتعلم ، وفي إداراتها وكذلك في ربط مجتمعات التعلم بعضها ببعض.
ـ استيعاب متطلبات العولمة : بالعمل في إطار كوني مستوعبة ما ذكر أعلاه والاستفادة من الخبرات العالمية لتحسين الأداء ولزيادة قدرتها التنافسية في العالم.
ـ جهود ضمان الجودة ، بالأخذ بآليات محددة لضمان الجودة من أجل تقديم خدمات تعلم عالية المستوى بحيث يستطيع متخرجوها المنافسة في السوق العالمية
إصلاح إدارة مؤسسات التعلم ، والانتقال بالإدارة من ممارسات التسيير الحالية إلى ممارسات أكثر نضجاً تهدف إلى التطوير والتجديد.

خلاصة:
المحاضرة هدفت إلى تطوير أداء وأدوار مؤسسات التعليم المختلفة والعمل بها قدماً نحو تحسين مخرجاتها من الطلبة في مستوى عال يستطيع المنافسة عالمياً ، وذلك باستخدام الكثافة الهائلة من التدفق المعرفي اليومي بواسطة كم هائل من التقنيات الحديثة المتجددة والمتسارعة في تطورها.

محاضرة للدكتور عبداللطيف حيدر بجامعة تعز
شارك الموضوع مع اصدقائك!



Digg Technorati del.icio.us Stumbleupon Reddit Facebook Twitter

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
نـادي بـاسـم الـحـيـدري لـلـكـيـمـيـاء - Club Basem Alhaidry For Chemistry | by TNB ©2010 وتم تعريب القالب بواسطة مدونة نصائح للمدونين .